الأحد، سبتمبر ٢٨، ٢٠٠٨

انتماءات

منذ الصغر كانت تتنازعني إنتمائتي المختلفة، لم أكن أستطيع تحديد هويتي بيني وبين نفسي، على الرغم من أن الحكومة، ومن خلال الأوراق الرسمية وإعتمادا على شهادة بعض المتنفذين في البلد، وعلى رأسهم والدي رحمه الله،  كانت قد قررت بأنني إبراهيم أبن محمد أحمد حسين الكندري، وأمي فاطمه الكندري، والذين أتو من ما يسمى مجازا بر فارس، وقرر بعض الكتاب ، أو ما يسمى المؤرخين أو الخبراء في الأنساب بأن الدم العربي يجري في عروقي، وأن من يطلق عليهم لقب الكندري قد أتو إلى بر فارس في زمان مضى من الجزيرة العربية، وحدد بعضهم بأن أولئك من قبيلة بني تميم، ولست أشكك بإنتمائي إلى والدي، إلا أنني لم أرى يوما أي صلة بيني وبين أصولي الفارسي أو التميمية، فأنا من أنا، ولدت في الكويت التي يقرر دستورها بأنها دولة عربية في نفس العام الذي أختار الله أن يتوفى جمال عبدالناصر، أتحدث اللغة العربية وأعشقها حد الشغف، على الرغم من إتقاني، وتداخل كلماتي باللغة الإنجليزية التي تعلمتها في الصغر.

منذ أيامي الجامعية بدأت بحث محموم في إنتماآتي، فأنا على الرغم من عشقي للكويت، إلا أنني كنت متهما دائما بالتأمرك، رغم أنني لم أستطيع خلال دراستي العليا في أمريكا من تحديد ما هية الأمركة، ولم أستطع أن أجد شخصا واحدا يفسر لي معنى أن تكون متأمركا، كانت تلك الكلمة تطلق علي بسبب إرتدائي للجينز، والذي وجدته أكثر تناغما مع كرسيي المتحرك، وفي بعض الأحيان بسبب شعري الطويل، وفي أحيان أخرى بسبب شعري القصير، وفي أحيان بسبب السكسوكة أو اللحية المرتبة على الحنك فقط، وفي أحيان أخرى بسبب حلاقتي للشنب، وفي أحيان قليلة جدا بسبب أفكاري، أو تصرفاتي التي كانت ولاتزال تعتبر أكثر حرية (لبرالية) من ما هو مقبول لدى الكويتيين، حتى أولئك الذين عاصروا واضعي دستورنا حامي الحريات والمشجع لها.

منذ أيام الشباب في الجامعة، ولاأزال أبحث (شباب، وأبحث) عن تلك الهوية التي يتحدث عنها الجميع، ويشكك فيها الجميع، فأنا أعلم أنني كويتي، على الرغم من تأمركي المدعى، وأعلم أنني مسلم على الرغم من إتهام البعض لي بغير ذلك بسبب أيماني بحق الجميع في الإختيار، وأعلم أنني عربي، على الرغم من السقوط الفاجر لفكرة القومية العربية في كل إختبار، وأعلم أنني ليبرالي، على الرغم من عقدي المجتمعية التي لست أملك إلا التمسك بها، وأعلم أنني عيمي على الرغم من أصولي التميمية، وأعلم أنني عربي على الرغم من لون بشرتي وأعلم أنني كذا وكذا على الرغم من هذا وذاك.

إكتشفت في النهاية بأنه مهما كانت إنتمائاتي متعددة، فإن ذلك لا يعني خيانتي لأي إنتماء آخر، بأنني لست في الحقيقة سوى أنا، أفصل إنتماءاتي حسب خياراتي، ولي الحق في تطويرها والتلون بها بشرط أن أكون دائما صادقا مع نفسي، وأن أي من الحكومات أو السلطات الرسمية لا تملك في الحقيقة القدرة، أو الحق في تحديد ماهية إنتماءاتي، إو التشكيك في أي منها، وسأظل أحترم الجميع بمختلف إنتماءاتهمو التي تحدد أسلوبهم المميز في حب الكويت، الوطن، الأم، الأرض، الماضي والمستقبل بعيدا عن التفرقة سواء الطائفية أو القبلية، فها أنا مثل حي لكل الإنتماءات ولن أتنازل عن أي منها، فهل لنا أن نعيشها معا.

الأربعاء، يوليو ٣٠، ٢٠٠٨

أثغاث أحلام

الآن، فالماضي لا يعني لي الكثير، والمستقبل - كما أريد أن أره - لن يأتي، الآن فقط، وكل شيء آخر ضرب من الجنون، الآن، أنت، وصوت الناي يتألق بداخلي، وموسيقى الأذان، تعزف على قرع طبول الحرب ما بين شرايني، هكذا أتوقف الآن، أَضمك لصدري، أثغاث أحلام، تطارد الكوابيس بقلبي، تلك التي تتمترس في كل ليلة، قبل النوم، لتقطع عنه الامداد، فتتساقط ذراتي عطش وجوع، كوابيس لا تفي بوعودها بقتلي، والأحلام تأبى لي فعل الحب، الآن وتمضي لحظة الموت (النوم) وتستكين كينونتي أرق.

أستبقيك، أجلس أهدهد جسدي، أشعر بحبات العرق وهي تسيل، بكاء جسدي، منذ أن جفت دموعي، أحاول أن أسترضيك قليلا، في بالي، لتبقين تسلين صحوي بين بين، آراك كما المرة الأولى التي رسمتك في بالي، جالسه على سريري ، شعرك شلال في الغابة المسحورة، وجسدك العاري، يرتعش، رغبة وخجل، ترفعين الغطاء الأبيض على صدرك، ويأبى هو أن يغطي ركبتيك، تبتسمين كما طفل يشعر بالذنب حين يعود بقميص ممزق بعد اللعب، تنظرين فيّ، كأنك تحفظين ملامحي، أو كأنك ترين نفسك فيّ، أما أنا فلا أرى سواك، هكذا لم تزلي تغضين مضجعي كل ليله إن جاز التعبير.

أعيد ترتيب الحروف، أسرد كل شيء يمكن أن يكون، أفترض أنه كائن، أنا من نفخ الله بي من روحه، يتملكني التأله، أقول كن، فيكون، أشعر بك، تغزين كل شراييني، يحتدم بداخلي فعل الحب، الجنس اللذيذ، تسُرين في أذني وأنتي تتأوهين، بخوفك مما هو، فأطمئنك بقبله، تضمينني أكثر، تصكين على أسنانك لألا تخرج صرخة اللذه، تغرسين أضافرك فيّ، فأشعر بالدم الدفء يرسم خارطة الجنة على ظهري، فأرتعش، وأفقد قدرتي على الإحساس بأي شيء سوى جسدك الخمري، أفقد إتزاني، أرجوك أن لا تتوقفي، فتتفجر أنهار الحب لتسقي غابتك المحرمه.

أعود، فأصلي ركعتين، شكرا لله، أدعوه، وأبكي فرحا، يرتعش جسدي حبا، أمسك سماعة الهاتف، وأتصل بك، تردين:

-ألو،
-أأنت نائمة؟
-لا كنت أحلم بك
-وأنا كذلك

فلسفات أحمق

أعظم ما يمكن أن تفعل
هو أن تجد حبا لعاهرة

أحقر ما يمكن أن تكتب
قصيدة شعر
ثمن
لليلة عهر

أصرخ

أصرخ
اللعنة
علي أستريح
هذا الوطن المفروض علينا
عفن
وتفوح منه رائحة البيض الفاسد
كلما هبت في جنباته ريح

أصرخ اللعنة
علي أرتاح
ففي وطني
أن كان أبوك شريفا
أو رباك لتكون
تصير أحلامك ملكية عامة
ويصبح عرضك مباح

أدمنت

أدمنت

خمر وجنتيك

وبياض العيون

وشفتيك

التي تثير في داخلي

رغبة جامحة لأداعب حلمتيك

مجنون أنا

وما عاد يشفيني

ما يقرءه علي شيخ الفريج

من آيات بينات

أو تعاليم التوراة

أوقصص الأنجيل

أو حتى مسحات المسيح

حين يتراءى لي

كلما كان مسيح


أجرجر قدمي الكسيحة

لأستلقي بجانبها

ألقي تعبي

حنقي

قلقي

ونظرات الأخرين القبيحة

نشيد الأبجدية الذي روعني

وجدول الضرب

ودفتر التعبير

كلما كان استاذ العربي

يمارس تعابير السب الفصيحه

أنظر إلى نفسي

فأجدني

على الرغم من سنيني السبع

بعد الثلاثين

لا زلت أرتجف

بالقرب من الإلهه

حين تكون الإلهة جريحة

فأرتل صلواتي

أدعو لها

عندها

أن تمارس التطهير

بكاء

صراخا

لتعود

لصفاء القريحة

حديث الصمت

تتساقطين كما أوراق الخريف كلما مر الفجر، تستمسكين بطرف الغطاء على أطراف أنفك، لك أن ترجي الزمان أن يصطبر، ولكنه لا ينتظر، قيل أن الزمان قطار، دون محطات، كل ما يمكن أن تفعلي هو التتعلق بأي زائدة أو نتوء، كل ما يمكن أن تفعلي هو أن تعيشي بلا فائدة أو سوء

***

أنا لا شيء، وأنت حتما كذلك، ولكنك تقتاتين غرورك، حتى صار الغرور هامدا على صدرك، يحطم ألقك اليومي، يجرك إلى التهلكه

***

ألا تعلمين أن الياسمين إذا فقد عبقة صار عفن
ألا تعلمين أن غرورك يحيل ثوب الزفاف كفن

***

هكذا صرتي إذا، بقايا إنتفاء، وعصر ترا~ى له الجحيم من خلال طلول الضياء، هكذا توقفت قليلا لأحي أملي بأن تفقدي عذريتك، لعلك بذلك تدركين، أن العذارى حين يمارسن لعبة التمنع، خوفا من الانتماء، لا يبقى منهم سوى العهر وإن لم يشترى بماء

***

تبقين، وأموت
تتحدثين، وأنا يغلفني السكوت
الحديث فناء وتهكله
والخلود ديدن السكوت

السبت، يونيو ٠٧، ٢٠٠٨

كما في قبر قاسم

اتوقف، أراقب الملل في داخلي، تنتشر العبرات كما فرقة من الجيش تعاود الانتشار، أتسائل، لما أنا أفكر بآلة القتل التي نسميها جيشا، هل أنا أستشعر الموت رغبة في التغيير، أم رغبة بالفناء، من أين أستسقي كل هذا السواد، من أي بئر كالحة تتآتى كل تلك الأفكار المتشائمة، أستذكر "كل هذا الغياب الفاجر" الجملة الأكثر نوحا في الشعر العربي الحديث، فأصرخ كما قاسم من عتمة قبره:"ذاهب لترجمة الليل" وأذهب غياب فاجر.

يأخذني "أنت"، بكل ما أوتيتي من تمنع عني، تحملني رغبتي للتتمرغ في الشهوة معك، وأنت تمارسين في ذاكرتي فعل سادي، تجلسين بجانبي، تتملكني رائحة جسدك ، أرتعش، تعربد في داخلي اللذة، أدعوك لقبلة، تعدينني للمرة الألف ، وأصدقك للمرة الأولى بعد الألف بسادية وأنا أعلم أنك لن تفي بالوعد، فيتحول كل ذلك الهياج بداخلي إلى ألم لا يحتمل، وللمرة الأخيرة قبل الاستنماء أصرخ، كما قاسم في قبره "ذاهب لترجمة الليل" وأذهب غياب فاجر.

أعيد لملمة جأشي، استمسك بذلك الذي نسميه كبرياء، وهو في الحقيقة السبب الرئيسي في انتظارنا الأبدي، أعلق على شماعة النصيب فشلي وأدعو الرب للفرج وهو يصد عني، أخنق الدمع بداخلي وأقف منتصبا، ضاحكا، مستبشرا، غدا سيأتي يوم جديد، حبا جديد، رغبة جديدة،  أما الليلة، فعلي بالصوم، والصلاة، ركعتين، ثلاث، أربع، من أناء الليل وأسبح لأطراف النهار، وبصوت مكبوت مرة أخيرة أصرخ كما قاسم في قبره "ذاهب لترجمة الليل" وأذهب غياب فاجر.

الثلاثاء، مايو ٠٦، ٢٠٠٨

صور

لم ترى لي كثيرا، سوى وجودي في هذا الكون، الذنب لم يكن ذنبها، ولم يكن لي أي ذنب فيه، لم ترى هي إلي، ولم أرى إليها، سوى أن أقدارنا الحمقاء لم تزل تعاند رغباتنا ، تتسلى بنا، تثير، وتسيل لعابنا كلما إلتقينا، ألتقيها في كل إمرأة، فهي كل النساء وأنا الواحد الرجل، هي كل الأطفال وأن الواحد الرجل، هي كل الأمهات وأنا الواحد الرجل، هي كل الأخوات، العمات، بنات العم والخال، هي كل ما نؤنث باللغة العربية وأنا المذكر الوحيد والواحد الرجل.

يعتريني هذا النور الكثيف، يعمي عيني، ويستلقي همدا على صدري، أرجوها أن تطفىء الضوء قليلا، أرجوني أن أصاب بالعمى، أريد التخلص بأي شكل من هذا النور، وإن كان الحارق ليس إلا شعلة صغيرة، شعلة تحاول أن تظلم باقي الغرفة بغرور نورها الباهر، يمزقها من الداخل الدخيل، كل تلك المقامات التي وضعتها هي بنفسها، تخلط التاريخ بالرست، والجغرافيا بالصبا، وتخلط ألوانا في الخلفية، وبعض الصور، أو البراويز الفارغة، تحاول بلا هواده أن تفقع عيني، "أترى إن فقعت عيني وركبت جوهرتين مكانهما هل أرى" أو كما قال دنقل.

أغترب، أحترب، أنسرب، أمارس الهوه الفارغة، في داخلي، أرجو، أبكي، أتأمل، أدعو، وفي عتمة الليل أتسلل، أكشف الغطاء عن الصوره، أبحث عنه في أرجاءها، أستكشف زوايا المكان، وأن أعلم أن نورها لا يبقي ولا يذر، أنظر في حجر عيونها، أركز علني أجده هناك، لأغضب، ولكني لا أملك من نفسي شيئا، فكيف لي أن أملك من هذا النور حق.

أتخلى عن نفسي، عنها، أحاول نسيانها، أركب على الدابه، فترفع صدرها لتطير بي إلى بلاد العدو، أطعن الحسين في صدره للمرة الألف، وأرقص بارعا في خان معاوية، أصلي مع النساء في صحن المسجد، وأنا أعلم أن الله قد خرج ولم يعد منذ أن جئنا به مكبلا، أدلل على الجواري، أهدي أحلاها لأمير المؤمنين، ليغمسها في اللذه مع كأس النبيذ المعتق الذي أعصره من دمي، هكذا أصير، لأحتقر نفسي فأظن أنني ما عدت أستحق النوم في حضنها.

أعود في آخر الليل، أحتضن أطراف الوساده، أعض عليها، لألا تخرج صرخة، فتحرجني، أدعوها بكل جوارحي، فيأتي طيفها، يقفز من فوقي، ويمارس معي الجنس فأذوب وأنام بالرغم من قراح عيني.

السبت، أبريل ٢٦، ٢٠٠٨

مره أخرى

الثانية بعد منتصف الليل، سرى الصحب كل إلى موقعه من الإعراب، وبقيت أنا هنا،  إسم أعجمي غير معرف بأل، ضائع بين أن أكون حرف عله، أو أداة وصل، أستقي من النون باقيا رجولتي الغابرة، وأنتظر التاءآت، لأجد أن الشيء الوحيد الذي أنتمي له، أو ينتمي لي، الذي أحن له و يحن لي هو النقطة، وعليها سكون في آخر السطر.

أستبقيك، في بالي، خيال، لا يفارقني أبدا، أتسبقيك، فعل رمق أخير من باقيا حريتي، وأنا أعلم أنني صرت عبدا منذ أن كتبت لك حياتي الغابره

نص آخر، أحاول بآئسا أن أجعله شعرا، لأغنيه، أنشودتا غجرية، لربما تشبه تلك الأغاني التي كانت تغنيها غجريات الأندلس لمحمد الفاتح، أستذكر، بكائيات الغجر، ورقصهم، وآلامهم، أستذكرها لأنها تبكيني، فتمنعني من البكاء على حالي، تشغليني بحالها، فأبكي، وأنسى أن أحمل الهاتف لأتصل، كأنني بذلك أتنصل من حبي لك

أعطيك مساحة الحرية التي إغتصبتها أنا مني، دون أن تطلبي أنت لي ذلك صراحة، إلا أن عيناك في كل مره نلتقي، تقيدني، تجردني،  كما تجردك عيناي من ملابسك، لتغتصبينني في كل مره ألف مره.

وحدي، يستفحل بي الشرود، أقاوم الصور في بالي، قميصك حين يتخلله الضوء يعصر من جسدك عنب، وفي ثواني يتعتق، صرت مدمنا خمريتك

وحدي، يستهل بي الضعف، أجلس القرفصاء في الركن، وأهتز، كما في الأفلام، عل ذلك يطرد طيفك من رأسي

وحدي، أستجيب لضيق نفسي بسيجارة، أسحب دخانها حتى الرمق الأخير

وحدي، أو هكذا كنت أظن، حتى أكتشفت بأنك تعيشين بداخلي.