السبت، يونيو ٠٧، ٢٠٠٨

كما في قبر قاسم

اتوقف، أراقب الملل في داخلي، تنتشر العبرات كما فرقة من الجيش تعاود الانتشار، أتسائل، لما أنا أفكر بآلة القتل التي نسميها جيشا، هل أنا أستشعر الموت رغبة في التغيير، أم رغبة بالفناء، من أين أستسقي كل هذا السواد، من أي بئر كالحة تتآتى كل تلك الأفكار المتشائمة، أستذكر "كل هذا الغياب الفاجر" الجملة الأكثر نوحا في الشعر العربي الحديث، فأصرخ كما قاسم من عتمة قبره:"ذاهب لترجمة الليل" وأذهب غياب فاجر.

يأخذني "أنت"، بكل ما أوتيتي من تمنع عني، تحملني رغبتي للتتمرغ في الشهوة معك، وأنت تمارسين في ذاكرتي فعل سادي، تجلسين بجانبي، تتملكني رائحة جسدك ، أرتعش، تعربد في داخلي اللذة، أدعوك لقبلة، تعدينني للمرة الألف ، وأصدقك للمرة الأولى بعد الألف بسادية وأنا أعلم أنك لن تفي بالوعد، فيتحول كل ذلك الهياج بداخلي إلى ألم لا يحتمل، وللمرة الأخيرة قبل الاستنماء أصرخ، كما قاسم في قبره "ذاهب لترجمة الليل" وأذهب غياب فاجر.

أعيد لملمة جأشي، استمسك بذلك الذي نسميه كبرياء، وهو في الحقيقة السبب الرئيسي في انتظارنا الأبدي، أعلق على شماعة النصيب فشلي وأدعو الرب للفرج وهو يصد عني، أخنق الدمع بداخلي وأقف منتصبا، ضاحكا، مستبشرا، غدا سيأتي يوم جديد، حبا جديد، رغبة جديدة،  أما الليلة، فعلي بالصوم، والصلاة، ركعتين، ثلاث، أربع، من أناء الليل وأسبح لأطراف النهار، وبصوت مكبوت مرة أخيرة أصرخ كما قاسم في قبره "ذاهب لترجمة الليل" وأذهب غياب فاجر.