السبت، فبراير ١١، ٢٠٠٦

الثانية الأخيرة قبل الحلم

سأنوء إذا عن كل هذا العهر الذي نعيش، الليلة، سأنزوي بعيدا عن هذا الحمق الأزلي الذي نحيا به ، سأشعل شمعه في الركن الأكثر ظلمة في داري وهي تعبق برائحة العفونه، عفونة يخلها الصحب رائحة أعقاب سجائر تركت في المنفضة إلا أنها رائحة الزيف الذي أعيش، ممزوجة بعرق قذر يتسرب من أحشائي ، كلما مارست استمناءا، حياتي اليومية.

سأجلس هذه الليلة في الركن المنزوي في داري، أستذكر طعم الخمرة في شفتيك وأسكر، سأسكر وأضحك بكل جوارحي على كل الحماقات التي شكلت ذلك الشخص الموسوم أنا.

سأبدأ منذ اللحظة الأولي لمولدي، من تشردي بدافع الحب، ثم أضحك على كل علاقات الحب الطفولي الذي لا زال يسيطر على أفعالي، سأضحك من حبي للوطن، للأمة العربية، للوحدة، للنصر المزعوم بعته، ووحل الهزيمة، سأضحك أيضا من أحلامي، تلك التي صاحبتني كل ليلة قبل النوم وبعده، وليس خلاله أبدا، سأضحك من أحساسي بالعظمة لمجرد كوني أحمل لقب لا يعني لي بقدر ما يعني للأخرين، سأضحك من محاولاتي للأنسلاخ من جسدي لأجدني ما أن أبتعد حتى أغوص أكثر في العهر .

سأحلم الليلة بك، سفينة راحلة تحمل البخور من بلاد بعيدة ، وأنا على رصيف المرفئ أبكيها، أحاول جاهدا أن أستنشق بقايا عبقا لم أجرؤ على إستبقائه ، ولم أجرؤ على الرحيل معه، خوفا من المغامرة أو تملقا لعادات مجتمع رديء ، سأضحك حد الهذيان، ثم أهدأ، أتأمل، أصلي ، أعيد رسمك في بالي ، وجنتك السمراء بلون النبيذ، عيناك الساحرة، والحاجبان فوقهما كما طيور النورس في لوحة طفل عاشق للبحر ، كان هذا الطفل أنا يوما وقد غرق ، شفتاك الغضة ، ابتسامتك التي تأبى أن تفارقهما ، أسنانك البيضاء كما الثلج، شعرك المتمرد الأشعث ، أذنك المخبوؤه ككنز قرصان ، التفاح في صدرك الأعزل بالرغم من كل القيود، كم أحببت مذ رأيتك التفاح ، سأتذكر كل العشق الذي عشته نشوان ثم أعود لأبكيك كما النساء ، لأنني رجل ، أبي، رزين، محترم، مؤدب، ذو شخصية قوية، وكبرياء، لأنني رجل عربي ببساطة بكل ما تحمله هذه الكلمة من حماقة وعذر.

ترحلين أذا وأبقى وحيدا أستذكرك قبل النوم علني أجدك في حلمي الرطب.